اخر الأخبار

لعنة بوتفليقة .... هل أسس القايد صالح لنظام جديد ؟

لعنة بوتفليقة  .... هل أسس القايد صالح لنظام جديد ؟

 

لعنة بوتفليقة  .... هل أسس القايد صالح لنظام جديد ؟

بقلم جدّي معاذ 

         لغاية الأسبوع الثالث أو الرابع من الحراك الشعبي أي حوالي شهر بعد 22 فيفري 2019 والقايد صالح متمسّك بفكرة  أن المتظاهرين فئة شباب مغرّر بهم وبإيعاز أياد أجنبية تحرّكوا وماهي إلا ثورة غاضب وتنتهي حتى تغيّر الأمر على رُمّته وافتك السلطة المدنية عنوة بمطالبته لبوتفليقة بتفعيل نص الشغور من المادة 102 بإعلان الإستقالة وهو الأمر الذي و إن حدث فقد كان ليكون وفق حدود ترسمها الأعراف الدولية و القوانين الداخلية تبدأ بالمطالبة و تنتهي بالمرافقة لا أكثر و لكنّ الرجل أخذ طريقه لما التفت بيده كل السلطات فخرق حتى الدستور بإقالة وزير العدل و الدستور واضح ( مع الرغم كان في كل مرّة يُصرّح بأن الحلول لن تكون خارج الدستور ) وقد قال حينها البعض أنّ القايد صالح تغيّر عن قوله في بدايات الحراك لأنّ الحراك حرّره ولكن للأسف فقد خذل القايد صالح هذه الفئة بتصريح مسجّل له بقوله " أي حراك هذا الذي حرّرنا ؟ " وأعلن أنّه من أخذ زمام المبادرة ودون تحرير طالب بتفعيل المادة 102 ، أخذت تستقيم له الأمور حتى بلغ إلى علمه قضية الإجتماع الذي قال عنه مشبوه و يرمي إلى زعزعة استقرار الدولة حينها و جّه إنذارا للمجتمعين وكان أحدهم الفريق المتقاعد التوفيق وقد قلت حينها على صفحتي على الفايسبوك هل يستوي أن يكتفي – لو ثبت حقّا ما قال – أن يكون الإنذار عقوبة التآمر على سلطة الجيش و الإنقلاب على نظام الدولة ؟؟ ، المتمعّن في وتيرة سير الأحداث سيفهم انّ الأمر قد يتجاوز ما صرّح به فلا يستقيم مع خطورة الفعل الإكتفاء بالإنذار بل حقيقة الأمر كما وصل إلى مسامعنا فيما بعد من أنّ فحوى الأمر محاولة الإطاحة به ( أي برئيس الأركان ) ولهذا كان التحرّك سريعا ، وكل الإجراءات بعدها توحي بأنّ التحرّك كان للإستهداف وردّا للهجوم وليس بدافع تصفية الفاسدين وأنّ كل تصريحات الفريق كانت ولازالت للإستهلاك الإعلامي لا أكثر فمثلا السؤال الذي يجب أن يُطرح على كل عاقل كم استغرق القايد صالح لمتابعة الجنرالات الفاسدين (حسب تصريحه ) بتهم الفساد ، كم دام الوقت لذلك ؟ وكم استقروا في مناصبهم ؟ وهل ظهر فسادهم فجأة ؟ ولما هذا التوقيت بالذات ؟ لماذا كل المترشّحين للإنتخابات أبناء النظام ؟ ،  كلها أسئلة يجب أن تُطرح لتفهم هل أسس القايد صالح لنظام جديد فعلا أم هي تصفية حسابات و صراع أجنحة  ؟   

          وكي لا يُفهم ممّا سبق أنّي مع أو ضد بل سياق الأمر فرض نوعا من التعرية التي تتطلبتها المرحلة لنكون أكثر موضوعية فالقايد صالح كان ولازال في نظري جزءا من نظام عمّر طويلا و أنتج ما أنتج له من حسنات كما عليه الكثير الكثير .

          حين كان القايد صالح ممسكا بخنّاق السلطة قلنا أنّ الدّبابة مع الجهل لا يُمكن أن تؤسس لنظام جديد و أنّ كل ما يلحق بتلك الخرافة سيكون من منطلق " العدالة الإنتقامية " وإن كانت على صواب فالفرع لن يُغادر الأصل مهما كانت الغايات و الدّوافع فالفاسد لن يتحرّك إلا من منطلق الدّفاع عن نفسه و الصالح على نفس المقاس له غايات و إن اختلفت من ناحية الشمول و السؤال الذي حان وقته الآن كيف تغفل المحكمة و المحكمة الإستئنافية عن أدلة براءة الفريق التوفيق و طرطاق و السعيد ولويزة حنون في ملف التآمر على سلطة الجيش ؟ فإن أخذنا بما قال الأوّلون في زمن القايد صالح من حيث ثبوت التهمة وأنّ القضاء تحرّر ليكون هؤلاء سواسية مع بسطاء الرعيّة !!! فهلا أجابوا و كشفوا لنا بعض ما التبس علينا فهمه ؟ ، كيف تغفل المحكمة و المجلس عن أدلة البراءة وتحكم بثبوت التهم في حق من سبق ذكرهم ( ما عدا حنون ) و أهل القانون يفهمون ما أرمي إليه بما أنّ لكل جريمة أركانها الثلاث و يجب أن تتوافر لتكتمل معالم الجريمة هذا إن كان كما قالوا تحرّر القضاء في زمن القايد صالح وأحكامه تُبنى على ما توفّر من وقائع و قرائن لا على الهاتف وقوة المناصب وهؤلاء هم نفسهم من انتخبوا الرئيس تبّون وقالوا أنّه سيكمل مسيرة رئيس الأركان المتوفّي (المنقذ للدولة على حدّ زعمهم و مؤسس النظام الجديد ) وهم نفسهم الآن من يعارضون براءة التوفيق و طرطاق و السعيد و حنون في تهمة التآمر على سلطة الجيش و التحضير للإنقلاب فهلا ثبتم جزاكم الله خيرا كيف تقفون على طرفي نقيض أليس القضاء الذي أطلق سراح من جرّمهم في زمن القايد صالح هو نفسه وهو المُحَرّر بفعل المُحرِّر فكيف إن وافق أهواءكم صدق وإن خالفها أذنب و اتُهِمْ ؟ ألا يؤسس فكركم هذا إلى العدالة الإنتقامية و أنّ كل من كان ضدنا يجب أن يختفي والعدالة تعني أنا ولا قانون فوق قانون السيادة ؟ أهذا منطق الدّولة الجديدة ؟

      بموضوعية لما لا تكون براءة السعيد و التوفيق و طرطاق وحنون من تهمة التآمر على سلطة الجيش وقريبا تبرئة خالد نزّار قرار صائب لغياب قرائن الإدانة فبحكم مناصب هؤلاء السابقة فالوضع القانوني لهم حينها يُخوّل - نظرا لما بين أيديهم من معلومات - ضرورة التحرّك لإيجاد مخرج من الأزمة دون الخوض في الغايات فالقضاء لا يدرس النيّات بل الوقائع و السلوك ، وهذا لا يُعتبر تأييدا لقرار المحكمة الإستئنافية و لا معارضة له بل خوضا في مجال ما يُعرض للقضاء من وقائع و كيف له أن يحكم بناءا عليها ، كما لا يُعتبرا تبرئة لذّمة السعيد بوتفليقة من تهم الفساد وإنّما توضيح لتناقض خيّم على عقول لطالما أسرفت في تجهيل الناس حتى بان جهلهم وحاولوا كشف أباطيل الحديث وما يُسوّق له من اتهامات للقايد صالح حتى انكشفت عورتهم وبانت سوأتهم فالتزموا ولزموا أماكنهم وما عدنا نسمع لهم ركزا بعد ما يكون و سيكون من جديد .

      فبعد الذي تقدّم هل  أسّس القايد صالح فعلا لنظام و دولة جديدة أم أنّ أفعاله  لا تعدو أن تكون إلا تصفية حسابات بين جماعة ترى لها الأحقية في القيادة و جماعة تريد تغيير القيادة فكل لا يبحث إلا عن إثبات رأيه والدفاع عن مصالحه ولكل طريقته فالأوّل استعطف بلغة الوطنية مجتمعا أراد من خلاله تغيير سياسة فرض أمر واقع و الثاني يبحث عن إعادة تثبيت سياسة أنا وبعدي فليكن الطوفان وبينهما شعب يُطحَنْ ، ولأنّنا شعوب عاطفية بامتياز فقد كانت خطابات الوطنية كثيرا ما تستثيرنا و لو أعملنا قليلا من العقل لاتضح الأمر ولكن هيهات هيهات .


ليست هناك تعليقات